صدور التعميم رقم (476226920) وتاريخ (1447/05/20هـ)
الخلفية والأهمية
في خطوة تنظيمية مهمّة، أعلنت وزارة العدل عن صدور التعميم رقم 476226920 وتاريخ 1447/05/20هـ، والذي يُعدّ دلالة واضحة على التزام الدولة – ممثلة بوزارة العدل – بتقوية الإطار الرقابي والجزاءات القانونية في قطاع مهن المحاماة والتوثيق. يأتي هذا التعميم في سياق الجهود الوطنية والدولية لمكافحة التجاوزات، وتعزيز الامتثال لمتطلبات العقوبات المالية المستهدفة (Targeted Financial Sanctions) القائمة على الصعيد الأممي والوطني.
تكتسب هذه الخطوة أهمية مزدوجة: أولاً من حيث حماية سوق المهنة القانونية من الانتهاكات التي قد تؤثر على سمعتها أو تعرضها لمخاطر مالية وقانونية، وثانياً من حيث الالتزام باتفاقيات دولية تنصّ على حظر التعامل أو التعاون مع أشخاص أو كيانات خاضعة للعقوبات، سواء من حيث التمويل أو التوثيق أو الاستشارات القانونية.
مضمون التعميم
ينصّ التعميم على تأكيد عدة نقاط محورية تُلزم المحامين والموثّقين، منها:
- ضرورة الاطّلاع الشامل على قائمة العقوبات المالية المستهدفة على المستوى الدولي والوطني، والتحقّق من هوية الأطراف المتعاقدين معهم قبل تقديم الخدمات القانونية أو التوثيقية.
- وقف التعامل أو تقديم الخدمات لأي طرف مدرج تحت العقوبات المالية المستهدفة أو مرتبط بشخص أو كيان خاضع للعقوبات، سواء من حيث الاستشارات أو التوثيق أو إدارة الأموال أو التمثيل القانوني.
- التبليغ الفوري في حال وجود تعامل أو شبهة تعامل مع طرف خاضع للعقوبات، بحسب الآليات التي تحددها الوزارة، والعمل مع الجهات المختصة لضمان التنفيذ والامتثال.
- العقوبات والإجراءات التأديبية التي يمكن أن تُفرض على المحامين أو الموثّقين المخالفين، بما في ذلك الغرامات المالية، الإيقاف المؤقت، إلغاء الترخيص أو الإحالة للجهات الرقابية المختصة.
- التعاون مع الجهات الرقابية والجهات الدولية ذات الصلة لضمان تنفيذ التوجيهات، وحماية البيئة القانونية من الانخراط في أنشطة تُخالف الأنظمة والاتفاقيات الدولية.
- السياق الدولي والوطني
في السنوات الأخيرة، أصبحت العقوبات المالية المستهدفة أداة مركزية في السياسة الدولية لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والأنشطة غير المشروعة. وتشمل هذه العقوبات فرض قيود على الأفراد والكيانات، تجميد أصول، حظر التعامل المالي، ومطالبات بالإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة. وتشترط كثير من التشريعات الوطنية – ومنها المملكة العربية السعودية – على مقدّمي الخدمات المالية وغير المالية، بما في ذلك المهن القانونية، الالتزام بهذه العقوبات.
من الناحية الوطنية، حرصت المملكة على تعزيز الإطار التشريعي والرقابي عبر تحديث الأنظمة وإصدار تعاميم من جهات مثل وزارة العدل، بهدف دمج مهن المحاماة والتوثيق ضمن منظومة الامتثال المالي والأمني، وضمان أن تكون هذه المهن جزءاً من سلسلة الحوكمة الشاملة.
لماذا تستهدف هذه التوجيهات المحامين والموثّقين؟
دور المحامي والموثّق كمحور في المعاملات
يقع المحامي والموثّق في مركز حيوي داخل المعاملات القانونية والمالية؛ فهما غالبًا يُقدّمان خدمات تشمل التمثيل القانوني، صياغة العقود، التوثيق، الوساطة، والتمثيل أمام الجهات. وعبر هذا الدور يتاح لهما أن يكونا نقطة تحكم أو فحص أولى لشرعية الأطراف والتعاملات، مما يجعل مسؤوليتهما جزءاً من المنظومة الأكبر لمكافحة المخاطر المالية والقانونية.
مخاطر عدم الامتثال
عدم التزام المحامي أو الموثّق بإجراءات التحقّق والامتثال قد يؤدي إلى:
- تسهيل تعاملات مالية غير مشروعة أو مع أطراف خاضعة للعقوبات.
- التعرض لغرامات أو عقوبات، وكذلك تأثير سلبي على سمعة المهنة.
- مخاطر تشريعية وتنفيذية، تشمل إحالة القضية للجهات الرقابية أو النظامية.
- تحجيم حصانة المهنة القانونية في حال ثبوت استخدام الخدمات القانونية لدعم أنشطة ممنوعة.
الأثر الإيجابي للامتثال
من جهة ثانية، رغبة المحامين والموثّقين في الالتزام بهذه التوجيهات تؤدي إلى:
- تعزيز ثقة الجهات الحكومية والخاصة بالمهنة القانونية.
- فتح آفاق تعاون دولية مع مكاتب ومحامين خارجيين يتطلّبون معايير امتثال عالية.
- حماية المهنة من التشويه والوقوع في مصاف الجهات التي تُستغل لتسهيل أنشطة غير قانونية.
كيف يمكن للمحامين والموثّقين تنفيذ متطلبات التعميم؟
إجراءات واستراتيجية عملية
- إعداد قائمة تحقق داخلية تشمل: التحقّق من هوية العميل، الاطّلاع على قوائم العقوبات، جمع معلومات حول مصدر الأموال إن لزم الأمر، والتأكّد من أن الطرف ليس خاضعاً لعقوبات أو مرتبطاً بشخص خاضع.
- تدريب دوري للفريق القانوني أو الموثّقين على العقوبات المالية المستهدفة، والقوائم الدولية مثل قوائم الأمم المتحدة، قوائم وزارة الخزانة الأمريكية، وقوائم المملكة.
- اعتماد سياسة مكتوبة لوقف التعامل والإبلاغ تُحدد الخطوات التي يجب اتخاذها في حال وجود طرف مشبوه أو مذكور في قائمة العقوبات.
- الاستخدام الأمثل للتقنيات كأنظمة التحقّق، قوائم الصد والمؤشرات المحوسبة، والربط مع قواعد بيانات محلية ودولية.
- التزام التوثيق والتقارير داخل المكتب أو الشركة: تسجيل العملاء والمعاملات والإبلاغ عند الضرورة، وتخزين السجلات لفترات زمنية محدّدة.
- مراجعة دورية للتزام المكتب بالتوجيهات الوزارية والقوانين، مع الاستعانة بمراجعين داخليين أو خارجيين إذا لزم الأمر.
- دور المكتب القانوني في شركة فاطمة عسيري كمثال
بما أن الشركة هي من جهات التمثيل القانوني ذات الخبرة، يمكنها أن تكون رائدة في مجال الامتثال عبر:
- تقديم استشارات متخصصة لمكاتب المحاماة والموثّقين الآخرين في كيفية تنفيذ التعميم والالتزام.
- تنظيم ورش عمل أو ندوات حول العقوبات المالية المستهدفة وإجراءات المحامين.
- رفع واعٍ داخل المجتمع القانوني حول أهمية التزام المهنة بهذا الإطار التنظيمي.
- مساعدة العملاء في العقود الدولية أو المحلية للتأكّد من أن الأطراف لا تشمل أشخاصاً أو كيانات خاضعة للعقوبات، وبذلك تنعكس قيمة قانونية متميزة.
التحديات المحتملة وكيفية معالجتها
تحدي التحقّق الكامل
قد يواجه المحامون والموثّقون صعوبة في الاطّلاع على كافة القوائم الدولية أو التحقّق من هوية العميل بأدق التفاصيل خاصة في المعاملات العابرة للحدود.
المعالجة: استخدام أنظمة التحقّق المتخصّصة، وتعاون بين المكاتب المحلية والدولية، واعتماد سياسات مكتوبة داخل المكتب.
تحدي المعرفة القانونية والفنية
قد لا يكون لدى جميع المهن القانونية خلفية تقنية أو مالية كاملة فيما يتعلق بالعقوبات المالية.
المعالجة: حرص المكتب على التدريب الدوري، التعاون مع مراكز الامتثال، وتوظيف خبرات مختصة في الامتثال المالي.
تحدي عدم وجود إجراءات واضحة داخل بعض المكاتب الصغيرة
بعض المكاتب قد تفتقر إلى سياسات مكتوبة أو أنظمة داخلية واضحة للتعامل مع الأطراف الخاضعة للعقوبات.
المعالجة: التوجيه بوضع سياسة مكتوبة واضحة، توزيع الأدوار داخل المكتب، وتعيين مسؤول داخل المكتب للامتثال والرقابة.
تحدي التطوّر السريع في القوائم الدولية
القوائم الدولية للعقوبات تتجدّد بانتظام، وقد يتم إدراج كيانات أو أفراد فجأة.
المعالجة: اعتماد خدمة تنبيهات أو رصد تلقائي للقوائم، وإعادة مراجعة دورية للعملاء والمعاملات.
الدلالات المستقبلية لهذا التعميم
- يعكس توجه المملكة إلى دمج المهن القانونية ضمن منظومة الامتثال المالي والأمني، وليس فقط الخدمات المالية التقليدية.
- يُشير إلى أن المحاماة والتوثيق لم تعدا مجرد مهنة تقديم خدمات قانونية، بل أصبحت جزءاً من منظومة وطنية ودولية للحوكمة والامتثال.
- يفتح آفاقاً لمكاتب المحاماة والموثّقين لتطوير تخصصات جديدة في الامتثال المالي، التدقيق القانوني، واستشارات العقوبات.
- يضع معياراً تنافسياً بين المكاتب القانونية: من يلتزم بإجراءات الامتثال سيكون له أسبقية في التعاملات الدولية وشركات التشغيل والمشروعات الضخمة.

صدور التعميم رقم (476226920) وتاريخ (1447/05/20هـ)
🔹 تعقيب الأستاذة فاطمة علي عسيري على التعميم الوزاري
وفي تعليقها على صدور تعميم وزارة العدل رقم (476226920) وتاريخ (1447/05/20هـ)، أعربت الأستاذة فاطمة علي عسيري — الرئيس التنفيذي لشركة فاطمة عسيري للمحاماة والاستشارات القانونية — عن تقديرها لهذه الخطوة التنظيمية التي تعكس حرص الوزارة على رفع معايير الامتثال وتعزيز موثوقية القطاع القانوني في المملكة، قائلة:
🔹 “إن هذا التعميم يمثّل نقلة نوعية في مسار تنظيم مهنة المحاماة والتوثيق، وهو تأكيد واضح على أن الممارسات القانونية في السعودية أصبحت جزءاً أساسياً من منظومة الحوكمة المالية والأمنية للدولة. إن ربط المهنة مباشرةً بمتطلبات العقوبات المالية المستهدفة يعزز الشفافية، ويحمي سمعة القطاع القانوني، ويمنع استغلال الخدمات القانونية في التعاملات غير المشروعة داخلياً أو دولياً.”
كما أضافت:
🔹 “نحن في شركة فاطمة عسيري ندعم هذا التوجّه بالكامل، ونعتبره خطوة تعزّز مكانة المملكة في الامتثال للمعايير الدولية. التعميم لا يقتصر على الجانب الرقابي، بل يمنح للمحامين والموثقين فرصة ليكونوا خط الدفاع الأول في حماية السوق القانونية والمالية من المخاطر. ومن جانبنا، سنعمل على رفع جاهزية فرق العمل داخل المكتب، وتقديم التدريب والاستشارات للمحامين والجهات الراغبة في تطبيق أفضل معايير الامتثال.”
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن المرحلة القادمة ستشهد تحولاً ملموسًا في الثقافة المهنية القانونية:
🔹 “الامتثال لم يعد مجرد التزام نظامي، بل أصبح ميزة تنافسية ومؤشراً على الاحترافية. والمكاتب القانونية التي تستثمر في بناء منظومة امتثال قوية ستكون الأكثر قدرة على النمو والدخول في الشراكات المحلية والدولية بثقة عالية.”
خلاصة
إن صدور التعميم رقم (476226920) بتاريخ (1447/05/20هـ) من وزارة العدل يُعدّ خطوة جوهرية في ترسيخ التزام مهنة المحاماة والتوثيق بمعايير العقوبات المالية المستهدفة، سواء على الصعيد الأممي أو الوطني. فالمحامون والموثّقون اليوم – من خلال دورهم المحوري – يتحمّلون مسؤولية أكثر من مجرد تقديم خدمات قانونية؛ إنما أصبحوا خط الدفاع الأول لحماية المنظومة القانونية والمالية من مخاطر الانخراط غير المشروع.
ولكي تكتسب هذه الخطوة كل قيمتها، فإن الالتزام العملي والتوجيه الواضح داخل المكاتب القانونية هو ما سيُحدّد مَن هي المكاتب التي ستبرز كمراكز قانونية رائدة في نطاق الامتثال. وبالتأكيد، فإن شركة فاطمة عسيري للمحاماة والاستشارات القانونية يمكن أن تسهم رائدة في هذا المجال عبر تقديم الخبرة القانونية والتدريب والوساطة في الامتثال للعقوبات المالية.
إن الامتثال ليس خياراً، بل ضرورة موضوعية تحمي المهنة، وتعزز سمعتها، وتفتح آفاقاً جديدة للتطوير والتميز القانوني.